فرض الله عز وجل على عباده الصلاة، لتكون مناجاةً وصلةً بين العبد وربه، وهي لا تسقط بحالٍ سواء في الحضر أو السفر، أو المرض أو الحرب، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وكافرٌ من جحد بها وأنكرها، وفائزٌ من أقامها حق الإقامة بأركانها وسننها وخشوعها واطمئنانها، والابتعاد عن الوساوس فيها قدر المستطاع، فهي ثاني أركان الإسلام التي بُني عليها، ولها مكانتها العظيمة وقدرها الكبير.
فضل الصلواتجاء في كتابنا الكريم القرآن العظيم قول الله عز وجل: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين)، فالصلاة الوسطى ههنا هي صلاة العصر، ففي غزوة الأحزاب حيث اشتد القتال مع المشركين وطال، حتى فاتت صلاة العصر، فقال رسول الله: ( ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغـلونا عن الصلاة الوسطى)، وهي صلاة العصر.
كما ورد في الحديث الشريف عن رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من صلى البردين دخل الجنة) متفق عليه، ومتفق عليه أي رواه الشيخان البخاري ومسلم، فالحديث في أعلى درجات الصحة، والبردان هما صلاتا الفجر والعصر، وفي هذا الحديث معانٍ عظيمة وفوائد جمّة حُصرت في بضع كلمات وهذا الإعجاز بعينه، وكرمٌ ورحمةٌ من الله عز وجل بعباده.
يقول قائل يكفيني أن أصلي الفجر والعصر فقط وأترك باقي الصلوات، وهذا فهمٌ خاطئٌ فالصلوات فرضٌ جميعها، ولا يجوز ترك واحدة منها، فقد حث الحديث على إقامة الصلوات وبخاصة هاتين الصلاتين، ورغّب وشجّع على ذلك بالوعد العظيم الذي تتوق إليه كل النفوس ألا وهو دخول جنةٍ عرضها السماوات والأرض، والتي لن يدخلها أحدٌ بسهولةٍ، بل برحمة الله جل وعلا أولاً، ثم بطاعة أوامره والعمل الصالح، كما وجاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) أي صلاتي الفجر والعصر.
سبب تسمية البردينقال بعض العلماء أن سبب تسميتهما بهذا الاسم كون وقتهما في بردي النهار أي طرفه، وقيل أيضاً أن أداء هاتين الصلاتين صعب على العباد، فصلاة الفجر تأتي بعد النوم والاستغراق فيه، وصعوبة ترك الفراش الوثير خاصةً في أيام البرد القارص، وبعد سهرٍ طويل، وأشد ما تكون على المنافقين.
صلاة العصر تأتي في وقت الاسترخاء وأخذ قسطٍ من الراحة بعد مشقة وعناء يومٍ طويلٍ، فتميل النفس للدعة والراحة وأخذ قيلولة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله).
المقالات المتعلقة بما هما البردان